نظرية المعرفة هي فرع من الفلسفة المعنية بطبيعة ونطاق المعرفة. ويطرح أسئلة مثل: "ما هي المعرفة؟"، و"كيف يتم اكتساب المعرفة؟"، و"ماذا يعرف الناس؟". ويستكشف مصادر وهياكل وأساليب وصلاحية المعرفة. تساعد نظرية المعرفة على التمييز بين الإيمان الحقيقي والمعرفة.
التعريف الكلاسيكي للمعرفة هو أنها اعتقاد حقيقي مبرر. وهذا يعني أنه لكي يعرف الإنسان شيئًا ما، لا بد من توفر ثلاثة شروط:
خذ بعين الاعتبار مثال رؤية المطر خارج النافذة. إذا كانت السماء تمطر بالفعل (الاعتقاد صحيح)، فأنت تعتقد أنها تمطر (لديك اعتقاد)، ورؤية المطر في الخارج توفر سببًا وجيهًا للاعتقاد بأنها تمطر (مبرر)، فأنت تعلم أنها تمطر.
هناك عدة مصادر مقترحة للمعرفة، بما في ذلك الإدراك والعقل والذاكرة والشهادة. الإدراك ينطوي على اكتساب المعرفة من خلال الحواس. العقل ينطوي على اكتساب المعرفة من خلال الاستنتاج المنطقي والاستقراء. الذاكرة تسمح بالاحتفاظ بالمعرفة. تتضمن الشهادة اكتساب المعرفة من الآخرين من خلال التواصل.
يشير الشك في نظرية المعرفة إلى التشكيك في إمكانية المعرفة المطلقة. يجادل المتشككون بأنه بما أن حواسنا يمكن أن تخدعنا، وقد يكون تفكيرنا معيبًا، فقد تكون المعرفة المؤكدة بعيدة المنال. على سبيل المثال، تشير التجربة الفكرية "Brain in a Vat" إلى أننا جميعًا يمكن أن نكون مجرد أدمغة في أوعية يتم تغذيتها بالتجارب بواسطة جهاز كمبيوتر، كما هو الحال في فيلم "The Matrix"، ولن تكون لدينا طريقة لمعرفة ما إذا كانت تصوراتنا أم لا من العالم حقيقية.
مدرستان فكريتان رئيسيتان في نظرية المعرفة هما التجريبية والعقلانية. تقول التجريبية أن المعرفة تأتي في المقام الأول من التجربة الحسية. وفقا للتجريبيين، فإن كل مفاهيمنا ومعارفنا مستمدة في النهاية من تجاربنا. يعتقد جون لوك، التجريبي، أن العقل عند الولادة عبارة عن صفحة بيضاء (تابولا راسا) يتم ملؤها بالمعرفة من خلال التجارب.
ومن ناحية أخرى، تشير العقلانية إلى أن العقل والمعرفة الفطرية هما المصدران الأساسيان للمعرفة. يجادل العقلانيون بأن هناك طرقًا مهمة يتم من خلالها اكتساب مفاهيمنا ومعرفتنا بشكل مستقل عن الخبرة الحسية. اشتهر ديكارت، العقلاني، بمقولته "Cogito, ergo sum" (أنا أفكر، إذن أنا موجود)، مما يشير إلى أن المعرفة تأتي من التفكير والاستدلال.
البراغماتية هي نهج في نظرية المعرفة يقيم حقيقة الاعتقاد من خلال عواقبه العملية. جادل ويليام جيمس، أحد أنصار البراغماتية، بأنه إذا كان الاعتقاد يعمل لصالح الفرد، فيمكن اعتباره صحيحًا. وفقا للبراغماتية، ترتبط قيمة الفكرة ارتباطا وثيقا بآثارها العملية وفائدتها.
تقترح البنائية أن البشر يبنون المعرفة والمعنى من تجاربهم. وفقًا للبنائيين، فإن فهمنا للعالم يتشكل من خلال تفاعلاتنا معه. المعرفة لا يتم استيعابها بشكل سلبي ولكن يتم بناؤها بشكل فعال من قبل العارف. تعتبر نظرية بياجيه للتطور المعرفي، التي تصف كيف يتعلم الأطفال من خلال التفاعل النشط مع بيئتهم، مثالاً على البنائية.
تثير نظرية المعرفة أسئلة مهمة حول طبيعة المعرفة، وكيفية اكتسابها، وكيف يمكننا التأكد مما نعرفه. إنه يتحدانا للنظر في مدى موثوقية مصادر المعرفة لدينا والأساليب التي نستخدمها للحصول عليها. سواء من خلال الملاحظة التجريبية، أو التفكير المنطقي، أو مزيج من الأساليب المختلفة، فإن فهم نظرية المعرفة يثري نهجنا في البحث عن الحقيقة وفهم العالم. من خلال فحص أسس معتقداتنا ومعارفنا، توفر نظرية المعرفة إطارًا لتقييم المعلومات بشكل نقدي واتخاذ قرارات مستنيرة.